للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع له الآن. وكان من الخرافات التي أخذناها منهم وحسبناها يومئذ -كما حسبوها- من العلم أن في الدنيا أربعة عناصر مُفرَدة (أي ليست مركَّبة) هي الماء والهواء والتراب والنار، وأن البرودة من الماء والحرارة من النار والجفاف من الهواء والرطوبة من الأرض، ثم بنوا على ذلك كلاماً طويلاً عريضاً طبّقوه على ما دُعي بالأخلاط الأربعة في جسم الإنسان، ثم قسّموا الأطعمة والعقاقير إلى حارّ وبارد ورطب ويابس. ومن شاء رأى مثال ما قالوه في كتب الأولين، والغريب أن الإمام ابن القيم في كتابه «زاد المعاد» شغل نحواً من ربع الكتاب بهذا وأمثاله، الذي صار اليوم أقرب إلى أوهام العوامّ وغرائب الأفهام.

ولست أُفيض في وصف «الأتوميوم»، فإن عندكم في جدة إلى جنب الجامعة مثالاً له: ثماني كرات تفصل بينها أعمدة مجوَّفة. ونسبة هذا المثال من الأصل في بروكسل كنسبة الفيل الذي يوضع في غرفة الاستقبال (ولا يجوز شرعاً وضعه) من الفيل الحقيقي. إن سقف الكرة العليا -كما خبّرني الدكتور عدنان الهواري- يعلو مئة وعشرة أمتار، ولكنه لضخامته لا يبدو عالياً. وقد صعدنا إليه بمصعد كهربائي، ثم انتقلنا على أدراج متحرّكة من كرة إلى أخرى، وفي أكثرها أجهزة علمية وأشياء لم أعُد أذكرها، ولو أنني ذكرتها ووصفتها لما فهمت تفاصيلها ولا فهم القراء عني. وكيف يفهمون وأنا غير فاهم؟ ولِتتصوروا ضخامة هذه الكرات أبيّن لكم أن واحدة منها اتُّخذت مطعماً، دخلنا إليه وأكلنا فيه وعددتُ الموائد (أي طاولات الأكل) فقاربت في العدد الأربعين، أمضينا فيه ساعات كانت فيها متعة الجِدّة، فهي شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>