للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوثّابة (الهلكوبتر) فجاؤوا بطائرة عادية وكلّموه بمكبر الصوت أن يتمسك بسلّم من الحبال ينزل إليه منها، وصارت الطيارة تمرّ من فوقه متباطئة ما استطاعت ولكنها لا تزال بالنسبة إليه مسرعة، فيمرّ الحبل به حتى يكاد يلامس وجهه ثم لا يستطيع أن يتمسك به، وأعادوا ذلك مرات كثيرات، حتى تمسّك به مرة وشدّد قبضته من شدة الخوف ورفعوا الحبل فنجا. وقد خبّرني هو رحمه الله أنه لم يصدق بالنجاة، ولمّا رأى نفسه على الأرض أحسّ أنه عاد إلى الحياة بعدما مات (١).

* * *

أعود إلى حديثي. لقد انتهت جولاتنا في البلد ومضى هزيع من الليل ولم يبقَ إلاّ أن نجد مكاناً نبيت فيه، والأستاذ نديم حفظه الله مقيم في بروكسل من أكثر من أربعين سنة، فقال لي: هلمّ إلى فندق نظيف رخيص خالٍ مما تكره أعرف صاحبه وأوقن أنه سيعتني بكم. ومضينا معه، حتى إذا وصل إلى المكان لم يرَ فندقاً وإنما رأى عمارة جديدة عالية، فتعجّب وقال: أين ذهب الفندق؟ ومرّ بنا ناس فسألناهم، فكتموا ضحكهم علينا وقالوا بأن هذه العمارة قائمة من خمس سنين. والأستاذ لا يدري بها!

وذهبنا نفتّش عن فندق غيره فما وجدنا غرفة خالية، ولم ندع مكاناً نظنّ أنه يؤوينا إلاّ ذهبنا إليه، قال: هلمّ إلى نُزُل (بانسيون). فطرقنا أبواب عدد منها فلم نلقَ فيها مكاناً، ثم ذهب بنا إلى حيّ


(١) وقد مرّ بنا هذا الخبر والذي قبله في الحلقة ١٠١ من هذه الذكريات (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>