للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(التي زعم الراوي أنهم يأتون إليها بإحدى العاهرات فتقف أمام الطلاب بلا ثياب، بأوضاع تذهب منهم بالألباب وتطير من رؤوسهم الصواب، ليصوّروها كما قالوا)، قالت المجلة إن طالباً نبّه رفيقه فقال له: أما ترى جمالها؟ هل أبصرت مثل هذه الفتنة وهذا البهاء؟ فقال له صاحبه: كيف لو أبصرتها بثيابها؟ ذلك أن الثوب الذي يكشف عن بعض المستور يُطلِق خيالك لتتصور ما لم يكشفه، فتراه أجمل بعشر مرات مما هو في الحقيقة والواقع.

ولقد قرأت من قديم كتاباً عن الأزياء والموضات كيف تتبدّل، فتغطي مرة ما كان مكشوفاً وتكشف ما كان مُغطّى. وسرد مؤلّفه ما كان من ذلك في فرنسا في مئة وخمسين سنة، فوصل إلى سرّ المهنة فأذاعه. وإذا خلاصته أن الرجل لا يستطيع أن يستوعب جمال جسد المرأة كله بنظرة واحدة، فهم يكشفون له عن شيء منه ليقع نظره عليه وينصرف انتباهه إليه: عن أعلى الصدر مثلاً، فإذا ألفه وملّ منه زادوا في الكشف فوسّعوا الجيب (والجيب في اللغة فتحة الثوب عند العنق) حتى يصلوا إلى الحد الذي لا يستطيعون تجاوزه، فيجعلوا الموضة الجديدة ستر الصدر وكشف شيء من الساق، ولا يزالون يقصّرون الثوب حتى جعلوه ثوباً صغيراً (ميني جوب) يكشف نصف الفخذين، ثم زادوه قصراً فجعلوه يصل إلى أعلاهما فلا يبقي على الشيء منهما، فكان (الميكروجوب)، فلما أحسّوا من الناس الاكتفاء والشبع بنظر السيقان عادوا إلى الصدر.

وكذلك يلعبون بالنساء، والنساء يرتضين أن يَكُنّ لعبة لهم. ونحن نقلّدهم ونتبعهم فنُضيع في اتباعهم وتقليدهم خلائقنا

<<  <  ج: ص:  >  >>