للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن هذا الذي كانوا يقولونه غير صحيح، وأن التراب والماء مركَّب من عناصر كثيرة وليس عنصراً واحداً. والعجيب أن من الفلاسفة المتقدمين من الإغريق (أي من اليونان) من لامس الحقيقة التي عُرفت بعد عصر النهضة والتي نعرفها نحن الآن، وهي أن المادة ليست متصلة الأجزاء بل هي مؤلَّفة من جُسيمات صغيرة جداً هي الأتوم (أي الذرّة)، قال بذلك ديمقريطس، وقد راجعت الآن ترجمته فوجدت أنه مات نحو سنة ٣٧٠ قبل ميلاد المسيح، وقد سبقه إلى ذلك أستاذه ليوسيبوس.

والفكر البشري يتقدم دائماً لا يرجع إلى الوراء أبداً، ولكن قد يُصاب بنكسات تتعثر فيها خطاه ويتأخر فيها سيره؛ من ذلك أن أرسطو (الذي مات سنة ٢٢٢ قبل ميلاد المسيح) ردّ نظرية الذرة وأعاد نظرية العناصر الأربعة، وبقي القول قوله حتى ظهر بيكون (وينطقها الفرنسيون باكون) في القرن السادس عشر، فنقض ما ذهب إليه أرسطو وأحيا نظرية الذرة. فأرسطو الذي يلقبه الناس بالمعلم الأول ولا يعدلون عن قوله كان له في هذا وغيره كثير من الأخطاء.

* * *

أعتذر إليكم وأرجو عفوكم عني لأني خرجت عن موضوعي، وأعود إليه الآن فأجيب على السؤال الثاني.

إن الذي يريد السفر اليوم من مكة المكرمة إلى دمشق يركب سيارته من باب داره هنا فلا ينزل منها إن شاء الله إلاّ على باب منزله أو فندقه في دمشق، طريق مزفَّت (ولا تقُل مسفلَت) بعضه

<<  <  ج: ص:  >  >>