للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى أقدمَت عليها السباع والضباع والهوام؟!

إن المؤلّف يسرد ترجمة لنفسه في أول كتابه كتبها بقلمه، فلم يجد من مؤهّلاته العلمية إلاّ أنه نال إجازة (أي ليسانس) الحقوق من كلية دمشق سنة ١٩٢٤، قبلي أنا بتسع سنين، وأنه احتلّ مناصب عدّدها ونال أوسمة سردها، وكل ذلك لا ثقل له في ميزان العلم. فإذا سرد مؤلَّفاته لم يذكر إلاّ هذا الكتاب الذي هو لمامة من المراجع القريبة والمجلات الدورية، اعتمد فيه على غير المسلمين أو على مسلمين كانوا أجهل بالإسلام وشراً عليه ممن يقول إنه من غير المسلمين. ومذكرات قال إنها جاهزة للطبع، أي أنها لا تزال في بطن أمها لا يدري أحد متى يكون مولدها وهل تكون ذكراً أم أنثى سوية أو مشوَّهة؟ وإن كنا لا نرجو لها إلاّ التمام والكمال. ومما أثبت فيه أدبه وعلمه أن له سبع مقالات، سبعاً فقط خلال ثلاثين سنة من سنة ١٩٢٤ إلى سنة ١٩٥٤.

* * *

وأنا من يوم أدركت ما حولي أرى النصارى في بلدي يعيشون كما يعيش المسلمون، لهم من الثمرات والخيرات مثل ما لنا، بل ليس لنا في الحقيقة مثل الذي لهم منها! ما ظلمنا يوماً واحداً منهم، وإن ذكرنا النابغين منا ذكرنا نابغيهم، وإن كانت مناصب أحللناهم في أرفعها وأعلاها، حتى إن مدير مدرستنا الابتدائية التي كنت أدرُس فيها في أوائل العشرينيات (لا العشرينات) من هذا القرن في حيّ المهاجرين، وهو حيّ إسلامي وبابُ المدرسة يقابل بابَ المسجد وتطل مئذنته عليها ويُسمَع أذانه فيها، كان

<<  <  ج: ص:  >  >>