للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين من النصارى، وكان يحضره وزراء، وكان الداعي إليه والمشرف عليه رئيس الجمهورية. ألقي عليّ وأجبت عنه.

ذلك أنه كان من عادة رؤساء الجمهورية في دمشق أنهم يَدْعون القضاة والعلماء ومَن يسمّونهم برجال الدين إلى مائدة الإفطار في رمضان. وقد ذهبتُ مرتين فقط إلى دعوتين من الرئيسين هاشم بك الأتاسي وشكري بك القوّتلي رحمة الله عليهما، فجمع أحدُهما بيننا نحن قضاة الشرع والمشايخ ورجال الدين من النصارى، وكانت أحاديث مما يُتحدّث به في أمثال تلك المجالس، أحاديث تمسّ المشكلات ولا تخترقها وتَطيف بها ولا تداخلها، ففاجأَنا مرة واحدٌ من كبارهم يعتب علينا أننا ندعوهم كفاراً.

فجزع الحاضرون ووجموا وعرَت المجلسَ سكتةٌ مفاجئة، فقلت للرئيس: تسمح أن أتولى أنا الجواب؟ وسألته: هل أنت مؤمن بدينك؟ قال: نعم. قلت: ومَن هم الذين تدعوهم مؤمنين به؟ أليسوا هم الذين يعتقدون بما تعتقد؟ قال: بلى. قلت: وماذا تسمّي من لا يعتقد بذلك؟ ألا تدعوه كافراً؟ فسكت. قلت: إن الكافر عندك هو الذي يرفض أن يأخذ بما تراه أنت من أُسُس الدين وأصول العقائد، وكذلك نحن، فالناس عندنا بين مسلم يؤمن بما نؤمن به من رسالة محمد وأن القرآن أنزله الله عليه وآخر لا يؤمن بذلك فنسمّيه كافراً، فهل أنت مسلم؟ فضحك وقال: لا طبعاً. قلت: وهل أنا في نظرك وبمقاييس دينك مؤمن بما لدى النصارى أو كافر به؟ فسكت وسكتوا. قلت: أنا أسألك، فإن لم تُجِب أجبتُ عنك. أنا عندك كافر لأني لا أعتقد بأن المسيح ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>