الراجح، ومع هذه العبقرية الفذّة والصفات المتميزة المتوفرة في شخص المرحوم دولة فارس بك الخوري فإن صاحب المقال يستهلّه بالقول: ولكن آخر مسلم في آخر الأرض أقرب إليّ منه! ويقول لمن لامه لقسوته فيما مضى: يريدون أن نجعل الكافرين كالمسلمين وأن ندعو بدعوة الجاهلين وندع كلام ربّ العالمين «إنما المؤمنون إخوة»، فننكر أخوّة الإيمان ونتمسك برابطة اللسان، فيكون أبو لهب وأبو جهل أقرب إلينا من بلال وسلمان؟ كلاّ ولا غرابة، قلتها في أول حياتي وأقولها الآن.
انتهى ما نقلته من كلامه. وأنا لم أقل «ولا غرابة» بل قلت «ولا كرامة»، ولكن الأستاذ حنا مالك لا يستطيع أن يميز بين اللفظين!
* * *
إنني أقول الآن وأنا في الثمانين من عمري ما قلته ونشرته في مطلع شبابي: إن آخر مسلم في الدنيا أقربُ إليّ من فارس الخوري ومن غير فارس الخوري. ومَن لا يقول هذا القول لا يكون مسلماً لأن رابطة الإيمان أقوى من رابطة النسب ومن رابطة اللسان، والله يقول لنوح عن ولده لمّا وعده الله بأن ينجّي أهله، فقال: ربِّ إن ابني من أهلي، فصحّح له ربّ العالَمين مقاييس القرابة وبيّن له أن رابطة الإيمان أقوى من رابطة الأبوة فقال:{إنّهُ ليسَ مِنْ أهلِكَ، إنّهُ عَمَلٌ غَيرُ صالحٍ}.
فأنا إذن لا أهاجم أحداً ولكن أدافع عن نفسي، فإذا كنتم لا تريدون ما يدعو إلى التفرقة بين أبناء هذا الشعب وتخشون ما يصدّع وحدة الأمة التي تزعمونها فامنعوا أمثال هذا الكتاب، بل