للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستقلال وتنكر الاحتلال. ما كانوا يرفعون العلم الرسمي بل العلم العربي المربع الألوان، وكانت مسابقة إلى إقامة الحفلات الوطنية، كل يوم من الأيام لحيّ من الأحياء، يقيم أهل الحيّ العراضات ويهزجون بالأهازيج، ثم يحضر موكب الوطنيين فيخطب الدكتور عبد الرحمن شهبندر، وهو من أقدر من سمعت من الخطباء، وزكي الخطيب وخالد الخطيب، وتشتد الحماسة، وربما مشوا بمظاهرة فاصطدموا بقوى الحكومة. وكانت الحكومة حكومتين: المحلية وأعضاؤها كدُمى مسرح العرائس، لا يتحركون حتى تحركهم أيدٍ لا نراها، والحكومة المنتدِبة، أي الفرنسيين.

هنا خرج كاتب المذكرات وصحبه إلى الغوطة. قال: "وفي منتصف الليل خرجنا من عند بستان عرنوس وحطينا عنده (أي وضعنا) لفّاتنا (أي عمائمنا) وقَنابزنا (أثوابنا)، ولبسنا لباس الثورة وخرجنا مع إخواننا عبد الرحمن الرهوان وحريص المرجة وأبو رشيد الخباز، وهؤلاء من قرية عربين، ومن دمشق العبدلله محمد إسماعيل الخطيب وعبد الوهاب الرجلة وشفيق السكري وعبد الوهاب الدوجي ونديم شهاب. وحين وصلنا جسر تورا اعترضَنا اثنان من الفرنسيين فقتلنا الواحد وشلّحنا الثاني، وقعدنا في الزور عند جسر الغيضة".

والزور موضع من الغوطة كالغابة، كثيف الشجر متقارب الأغصان، وهو قرب سقبا (وكنت معلم مدرستها سنة ١٩٣١) وجسرين وكفر بطنا. قال: "بقينا أربعة أيام، وما كان أحد يطلع من الشام ممن حلّفناهم، فصرنا في حيرة و ... "، ففكروا بخطة

<<  <  ج: ص:  >  >>