للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد وفّقهم الله الآن إلى مداواة مرض أعيا نُطُس (١) الأطباء، مشكلة أعجزَت كبار المفكّرين هي مشكلة الذبائح في الحجّ؛ فما زلنا نسمع الشكوى منها من أكثر من أربعين سنة من كل حاجّ يعود بعد أن رأى في مِنى آثارها من إضاعة المال وإفساد الهواء، ولم يبقَ أحدٌ إلاّ فكر في حلّ لها، فجاؤوا بحلول منها ما هو مستحيل ومنها لا تُحتمَل نفقاته ومنها ما هو أقرب إلى المشروعات الخيالية. لم يبقَ أحد لم يفكّر في حلّ لها، وكنت واحداً ممن قدّم حلاً فقهياً مؤقَّتاً، فرأينا هذه السنة عياناً ما هو أعظم من ذلك كله: حقيقة شاهدناها سبقت جميع خيالاتنا، ما تخيّل أحدٌ أن من الممكن أن تُجمَع هذه الذبائح وأن تُسلَخ وتُنظَّف ثم تحملها الطيارات إلى المحتاجين من المسلمين في مشرق الأرض ومغربها، فتصل صالحة غضّة نظيفة شهية. فلله الحمد أولاً، ثم أصدق التهنئة لهم على هذا الذي وُفّقوا إليه، وأسأل الله أن يجعله في صحف حسناتهم فلقد كان والله شيئاً عظيماً.

وما عُدت بعد اليوم أيأس من حلّ المشكلات الباقية كلها على ما نرى من تعذُّر أو تعسُّر حلّها: مشكلة الطواف ومشكلة الرمي ... إنهم سيحلّونها بإذن الله كما حلّوا مشكلة الذبائح ومشكلة الازدحام في الطرق، وأسأل الله لهم التوفيق.

* * *

وأنا أقول هذا كما قرأته في الصحف وكما سمعته من الناس، لأني معتزل وليس عندي من تفاصيله شيء، فكأنني


(١) نُطُس جمع نطاسيّ، وهو الطبيب الحاذق.

<<  <  ج: ص:  >  >>