نَصحْتُ ونحنُ مختلفون داراً ... ولكنْ كُلّنا في الهمِّ شَرْقُ
ويجمَعُنا إذا اختلفَتْ بلادٌ ... بَيانٌ غيرُ مختلفٍ ونُطْقُ
على أن البيان لا يجمع ما لم يكُن معه الإيمان؛ فقد كان العرب قبل الإسلام أهلَ فصاحة وبيان وكان يجمعهم النسب واللسان، وما جعلهم أمة واحدة حتى نزل القرآن. ومن أبياتها السائرة:
وقَفتم بين موتٍ أو حياةٍ ... فإن رُمتُمْ نعيمَ الدهرِ فاشقوا
وللأوطانِ في دمِ كلِّ حُرٍّ ... يدٌ سلَفَتْ ودَيْنٌ مُستحقُّ
ومَنْ يُسقى ويَشربُ بالمنايا ... إذا الأحرارُ لمْ يُسقَوا ويَسقُوا؟
ولا يبني الممالِكَ كالضحايا ... ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
ففي القتلى لأجيالٍ حياةٌ ... وفي الأسرى فدىً لَهُمُ وعِتقُ
ثم جاء البيت الذي صار -على ضَعف تأليفه- بيتَ القصيد في هذه الأبيات التي تصلح أن تكون نشيد النضال:
وقديماً قالوا إن «براعة الاستهلال» من محسّنات المقال. وقد حيّا شوقي في مطلع القصيدة دمشق ووصف رقة نسيمها وصباها، ودمعه على ما حلّ بحماها. ولكن له مطالع أجود، كمطلع قصيدته في «الأزهر» الذي أنطقَ فيه أكبرَ ناطق وهو الدنيا، وأسمعَ أعظمَ سامع وهو الزمان: