للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزلوه دارة حديثة (أي فيلا) فيها الماء حاراً وبارداً وفيها الكهرباء وفيها مكيفات الهواء، وفيها كل ما يحتاج إليه الناس.

فتهيّبَ دخولها أولاً ونصب خيمته في حديقتها. وذهب يستقي الماء حيث يجد الماء، ثم دفعه الفضول مرة فدخل خائفاً يترقّب أن يصيبه شيء فيناله بأذى، وأظلم عليه الليل وهو فيها فذهب يتلمس طريقه إلى الباب ليخرج منها، فوقعت يده على زر الكهرباء فأضاء المكان، ولمس صنبور الماء (الحنفيّة) فسال منها الماء، فعجب من هذه «المصادفات».

سماها مصادفات لأنه لم يعلم أن الذي بنى الدارة مدّ فيها أنابيب الماء وأسلاك الكهرباء وأقامها على هندسة وعلى تقدير! ثم بلغ به الأمر أن ذهب إلى صاحبها الذي استأجروها له منه فقال له: أنا لن أدفع إليك شيئاً من المال. قال: ولماذا لا تدفع لي؟ فقال له: لقد صرت إلهاً، أستطيع أن أُسيل الماء من الحديد وأن ألمس الجدار فأحوّل الليل إلى نهار، وأن أسخّر الكون كله بما عرفته من العلم!

أليس هذا هو مثل الملحدين الكفار؟ لمّا أطلق البشرُ أولَ قمر صناعي حسب ناسٌ منهم أنهم شاركوا الله في ملكه، تعالى الله وأستغفره من هذا المقال، ولم يدروا أنهم كأمّة من النمل أخذت إحداها قشّة صغيرة فحملتها ثم أفلتَتها في مجرى الريح، فحملتها الرياح مسافة أمتار، فحسبت أنها سيّرت كوكباً كالكواكب التي سيّرها الله في الفضاء. وما النملة ولا قومها هم الذين أوجدوا الريح وأثاروها، وما طارت القشة بقوة النمل ولكن بقدرة خالق النمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>