للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أُلِّف في هذا العصر وهو «الأعلام».

مطلع قصيدة الزركلي:

الأهْلُ أهلي والدّيارُ دياري ... وشِعارُ وادي النَّيْرَبينِ شعاري (١)

ما كان مِن ألمٍ بجِلّقَ نازِلٍ ... وارى الزّنادَ فزَندُهُ بي واري

إنّ الدّمَ المُهراقَ في جَنَباتِها ... لَدمي، وإنّ شِفارَها لَشِفاري

دَمعي لِما مُنيَتْ به جارٍ هُنا ... ودمي هناكَ على ثَراها جاري

كان الشاعر في مصر، فرّ إليها وأقام بها لمّا حكم عليه الفرنسيون بعد ميسلون، كما فرّ إليها الدكتور شهبندر والأستاذ محبّ الدين الخطيب، وفرّ إلى فلسطين الشيخ كامل القصاب.

والمدرّسون يعلّمون الطلاب أن الأسلوبَ العلمي يعتمد على الأفكار والأسلوبَ الأدبي على الصور، وأن الفكرة توصف بأنها صحيحة أو غير صحيحة أما الصورة فتوصف بأنها جميلة أو غير جميلة. وقصيدة الزركلي مملوءة بالصور، ولكنها ليست كالصورة في القصيدة العاطفية المَدار فيها على الجمال وحده، بل على الجمال والحقيقة، لأن هذه القصيدة وأمثالها تاريخ فنّيّ، أو فنّ تاريخي. أريد أن أقول إنها لا تكمل إلاّ إن جمعت بين الصدق وبين الجمال. الصدق لأنها تاريخ ليست خيالاً، والجمال لأنها أدب ليست مجرد وثيقة. وقد جمع الزركلي فيها الحسنتين: خبر موثوق في أسلوب جميل:


(١) النّيرب كانت قُبيل الرّبوة في موضع الدوّاسة، وقد أكلت الشوارع الحديثة والساحات هذا كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>