يا وامضَ البَرقِ (١) اطمئنَّ وناجِني ... إنْ كُنتَ مطّلِعاً على الأسرارِ
ماذا هناكَ؟ فإنّ صوتاً راعَني ... والصوتُ فيهِ جفوةُ الأذْعارِ
وجاءه الجواب يبيّن ماذا هناك:
النارُ مُحدِقةٌ بجِلّقَ بعدَما ... تركَت «حماةَ» على شفيرٍ هاري
الطفلُ في يدِ أمّهِ غرَضُ الأذى ... يُرمى وليسَ بخائضٍ لِغِمارِ
والشيخُ متّكئاً على عكّازِهِ ... يُرمى وما للشيخِ من أوزارِ
لَهفي على المتخلّفينَ برَحبِها ... كيفَ القرارُ ولاتَ حينَ قرارِ
كيف يَقَرّون وهم يرون الظالمين يرصدونهم، يُعِدّون لهم كأس الموت وعدّة الهلاك، إنهم:
يترقّبونَ الموتَ في غَدَواتِهمْ ... وإذا نجَوا فالموتُ في الأسحارِ
والظلمُ منطلقُ اليدَينِ محكَّمٌ ... يا ليتَ كلَّ الخَطْبِ خَطْبُ النّارِ
ثم انطلق يرثي دمشق وحماة، وكل ما دمّر الآثمون وما قتلوا وما شرّدوا، يسائل الديارَ عن أهلها والقصورَ عن سكّانها والرياضَ عن قُطّانها:
أُمَّ القصورَ نواعماً ربّاتُها ... ما للقصورِ دواثرَ الآثارِ؟
أُمَّ الجِنانَ الكاسياتِ رياضَها ... حُللُ السّنا ما للرّياضِ عَواري؟
أُمَّ الحياةَ ولِلحياةِ نَعيمُها ... هل في ديارِكِ بَعدُ مِن دَيّارِ؟
زهوُ الحضارةِ أنتِ مطلَعُ شمسِهِ ... أفتغتدينَ وأنتِ دارُ بوارِ؟
(١) البرق هنا أي الأخبار البرقية، ولم تكُن إذاعات.