للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغاية التي لا غاية بعدها، ولولا أن يُظنّ أني صرت شاعراً مدّاحاً عملي الثناءُ لقلت إن أبا الحسن جمع الأمرين. وكان الشعراء إنما يمدحون ليأخذوا الجوائز والعطايا، وليس عند أبي الحسن ما يُعطيني منه جائزة أو عطيّة وليس عندي بحمد الله حاجة إليها، فأنا أقول ما أقول صادقاً لا متزلفاً.

إن أكثرنا يجهل تاريخنا في الهند. وتاريخ الإسلام في الهند يعدل ربع التاريخ العامّ، ذلك أننا -كما قلت من قبل- حكمنا هذه القارة الهندية نحواً من ألف سنة، وكانت يوماً لنا وحدنا وكنا نحن سادتها. ولئن كانت لنا في إسبانيا أندلس أضعناها فإن لنا هنا أندلساً أكبر، ولئن تركنا في الأندلس تلالاً من بقايا شهدائنا وسواقي من دماء أبطالنا فلقد خلّفنا في الهند أضعاف ما تركنا في الأندلس. ولئن كان لنا في الأندلس مسجد قرطبة وقصر الحمراء فإن لنا في كل شبر من هذه القارة دماً زكياً أرقناه، وحضارة خيّرة وُشّيَت جنباتها وطُرّزت حواشيها بالعلم والعدل والمَكرُمات والبطولات. وإن لنا فيها معاهد ومدارس كم أنارت عقولاً وفتحت للحقّ قلوباً، ولا تزال تفتح القلوب وتُنير العقول. وإن لنا فيها آثاراً تفوق بجمالها وجلالها «الحمراء»، وحسبكم «تاج محل»، أجمل بناء علا ظهرَ هذه الأرض.

ولقد وصلت دهلي وأقمت فيها زمناً، وكانت أكرا (التي فيها تاج محل) على مرمى حجر منا كما كانوا يقولون، ولكنني لم أزُرها ولم أرَها. وقد كتبت عنها مع ذلك ما أحسب أنه لم يُكتب مثله إلاّ قليل. كان مما قلت: وكان لشاه جيهان زوجة لا نظير لحسنها في الحسن ولا مثيل لحبّه إياها في الحب، هي ممتاز

<<  <  ج: ص:  >  >>