تلاميذه النابغين الذين يعرفون اللسان الذي كان يَنظم به إقبال ويُحسِنون العربية، فاختار لي واحداً أغلب الظنّ أنه الأستاذ محمد الرابع الندوي وهو ابن أخته، وكان ذلك من ثلاثين سنة وقد صار الآن أستاذاً كبيراً. فسألته أن يختار لي من أجود قصائد إقبال، فاختار واحدة عنوانها كما أذكر «نداء الجبل» أو شيء قريب من هذا، وترجمها لي ترجمة حرفية حاول أن يوضحها. فلم أفهمها، وما فهمته منها ما استطعت أن أسيغه ولا أن أبتلعه فضلاً عن أن أهضمه، وفكّرت في ذلك فوجدت أن ترجمتها غير ممكنة لأن الذوق العربي لا يستطيع أن يقبلها.
إن ذوقنا أقرب إلى الوضوح، فإن عمدنا إلى بعض التغطية الفنية (إن صحّت هذه التسمية) جئنا باستعارة، فإن زدنا مزَجنا بها كناية وأتينا بهما معاً، فسمّيناها استعارة مكنية. فإذا أنا أرى في لغة هذه القصيدة (وأحسبها الفارسية) أن إقبالاً يكاد يُدخِل فيها ثلاث استعارات في ثلاث كنايات، وهذا ما لا يمكن التعبير عنه بلغة العرب، ولو استطعنا أن نعبّر عنه ما فهموه ولا تذوّقوه.
* * *
قلت لكم إني لمّا قرأت وصف أبي الحسن لبلدة أسرته الأولى رايلي بريلي، وهي تبعد عن لكنو مسافة القصر أي ثمانين كيلاً، ذكرت بردى ورأيت فيها شبهاً منه، فلما زرت لَكْنَو جعلت كلما مشيت فيها أو نظرت إليها أجد ذكرى دمشق ماثلة أمامي.
ولعل من تتمّة الكلام أن أذكر كيف لقينا أبا الحسن في لكنو. كان ذلك في رحلة المشرق التي مرّ في ذكرياتي كلام كثير عنها،