للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخّرها، ولكنه مسلم متمسك بالإسلام يدافع عنه ويحامي دونه! وأنه ربما خرج مع نسائه وهنّ كاشفات الأعناق والصدور مبديات السيقان والنحور يساير بذلك زمانه، ولكنه متمسك بالإسلام يدافع عنه ويحامي دونه! وما زال يسرد من أمثال ذلك ما فضح به نفسه وبيّن أنه مؤمن بلسانه بعيد بفعله وسلوكه عن الإسلام. أما أبو الحسن وجماعته فإنهم ملتزمون بالإسلام قولاً وعملاً، كتاباً وسلوكاً؛ يعمل ما يعمل ابتغاء رضا الله لا رضا الناس.

والرسول عليه الصلاة والسلام كره التكلّف، وأنا لم أرَ فيمن عرفت من الناس من هو أبعد عن التكلّف وأقرب إلى البساطة من أبي الحسن، فهو يلبس أيسر لباس وأرخصه وأبعده عن الزهو والتعالي، قميص طويل تحته سراويل واسعة. وهو لباس أكثر مَن عرفت من علماء الهند.

قرأت له أولاً ثم عرفته واتصل حبلي بحبله، في الهند ثم في موسم حجّ سنة ١٣٨١هـ، وكان من قبلُ قد قدم دمشق أستاذاً زائراً في جامعتها وما كُتب لي أن ألقاه لأنني معتزل بعيد عن مجامع الناس، أمضيت شبابي في ذلك وامتدّ معي إلى شيخوختي، فأنا لا أكاد أخرج من داري ولا ألقى إلاّ نفراً من إخواني ومن أصحابي. فلما عرفت أبا الحسن في لكنو من قرب صار أحد الذين اصطفيتهم وأحببتهم واحترمتهم.

والناس عندي أصناف ثلاثة: منهم من أحبه وأحترمه، ومنهم من أحترمه لعلمه وفضله ولكني قد لا أحبه لغلظته وثقل ظله، ومنهم من أحبه ولكني لا أحترمه. فكان أبو الحسن من

<<  <  ج: ص:  >  >>