وهو أسلوب زياد، تَشبّه فيه بالرجل الذي دعاه رسول الله بالعبقري ولم يَدعُ بذلك غيرَه، عمر بن الخطاب: شدة من غير عنف ولين من غير ضعف.
وأنا أقول من قديم إن القوة قد تكون مع اللين أكثرَ مما تكون مع الخشونة؛ فالفأس على لينها ونعومتها تقطع الحَطَبة على خشونتها. وكانت هذه الجلسةُ نواةَ رابطة العالَم الإسلامي، وكان هؤلاء الأعضاء هم المؤسسين الأولين لها، وكنت واحداً منهم، ولكنني لعلمي أنني لا أصلح لها اعتذرت عنها.
واجتمعت به في تلك السنة في المجلس الأعلى في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وخرجت منه أيضاً، وإن بقيت فيه وفي الرابطة وفي كل عمل إسلامي جندياً يعاون على كل ما ينفع المسلمين. لكنني لا أربط نفسي بأحد، فأنا أمشي في طريقي لا أبدّله، فمن وجدته يمشي فيه رافقته وأعنته -على ضعفي وعجزي- على ما يريد من الخير، وإن انحرف عنه أو سلك غيره لم أمشِ معه.
* * *
عرفت أبا الحسن من قريب في مكة وفي المدينة وفي دمشق، وعرفته قبل ذلك في الهند لمّا زرت لكنو سنة ١٩٥٤، فوجدته في الأحوال كلها مستقيماً على الحقّ عاملاً لله، متواضعاً زاهداً زُهداً حقيقياً؛ لا زهد المغفَّلين الذين يعيشون وراء أسوار الحياة لا يدرون ما الدنيا ولا يعرفون ماذا فيها، بل زهد العالِم العارف بالدنيا وأهلها. فقد رأى الشرق والغرب وزار الأمصار