للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُشِرَت قصيدة جبري أيام الثورة (ولم يصرّح فيها باسمه). أسلوبه فيها وفي غيرها الأسلوب الأنيق النظيف، وإن لم يكُن بالأسلوب المتدفق الذي تحسّ بأنه ينطلق مندفعاً من طبع شعري غزير النبع. في شعره روح من نفَس البحتري، وإن كان البحتري أجمل أسلوباً وأكثر طبعاً. مطلع القصيدة:

مجدُ العروبةِ أقفرَتْ عَرَصاتُه ... والضَّيمُ حلّ، فأينَ أينَ أُباتُه؟

جُرحٌ بسَيفِ البَغيِ آلَمَ وَقعُهُ ... كَبِدَ الحياةِ فأينَ عنهُ أُساتُه؟

وإذا الهوانُ دهى الحياةَ فموتُ مَنْ ... أَنِفَ المُقامَ على الهَوانِ حياتُه

ثم يشكو علّة كانت فينا (ولا تزال فينا)، هي أنّ منّا من يُعين عدوّنا علينا ويكون معه من دوننا:

هل يبلُغُ الوطنُ المفدّى حقَّهُ ... وإلى بَنيهِ مِنَ البنينَ شكاتُه؟

أيُشادُ معهدُ عزِّهِ وزِمامُهُ ... بِيَدِ العدُوّ وهادِمُوهُ بُناتُه؟

ثم يذكر الجيوش التي حشدها العدو فوقفت لها وظفرت بها جماعات الثوار:

وفيالقٍ حشَدَ العدوُّ خَميسَها ... في مأزِقٍ غُصّتْ بهِ لَهَواتُه

طَلعَتْ عليهِ كتيبةٌ عربيةٌ ... فجرَتْ على أسيافِها مُهجاتُه

فإذا رأيت الأسد سجيناً في قفص فلا تظنّ أنك تمكّنت منه، فإنه إذا كان الصدام رجع أسداً كما كان:

لا تزدرِ الليثَ الحبيسَ فربّما ... عادَتْ -وقد شهِدَ الوغى- وَثَباتُه

وأعاد الصورة التي ذكرها شوقي حين ذكر الأيك والنار التي شبّت من ورائه فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>