للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَت لِيَعرُبَ فِتيةٌ لم تُحيِهِ ... في موقفٍ عَجّتْ بهِ فَتَياتُه

برَزَت فغيرَ الدّوحِ لم ترَ مَفزَعاً ... تحنو على أطفالِها أثَلاتُه

أتبيتُ نهبَ العادياتِ خُدورُها ... ويضمُّها الوادي ومُنعطفاتُه؟

لا أعذرُ الصخرَ الأصمَّ وقد وعى ... تَنحابَها ألاّ تلينَ صَفاتُه

والدوح والأيك البساتين التي التجأت إليها اللواتي هُدّمَت دورهن وشُرّدنَ هُنّ وأطفالهن.

* * *

وثالث شعراء دمشق الأربعة الكبار يومئذٍ هو خليل مردم بك، له قصيدة يقول في مطلعها إن دمعه غاض فمَن يساعده على ذرف العبرات:

أمدّهُ الدّمُع حتى غاضَ جائدُهُ ... فمَن بأدمُعِ عينيهِ يُرافِدُهُ؟

وهو معنى قديم مطروق عبّدَته -من كثرة ما مشت فيه- أقدامُ الشعراء:

نَزَفَ البكاءُ دموعَ عينِكَ فاستعِرْ ... عيناً لغيرِكَ دمعُها مدرارُ

مَنْ ذا يُعيرُكَ عينَهُ تبكي بها ... أرأيتَ عيناً للبكاء تعارُ؟ (١)

ثم يصف ضرب دمشق بالمدافع وإشعال النار في بيوتها:

أمسى الذي كانَ في جنّاتِها فرِحاً ... بمارجٍ مِنْ سعيرِ النارِ واقدُهُ

النارُ من فوقهِ والنارُ دائرةٌ ... به، فإنْ خرَّ أردتْهُ رواصدُهُ


(١) البيتان للعباس بن الأحنف، وقد أتي بهما الشيخ شاهداً على أن الصورة قديمةٌ غيرُ مبتكَرة (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>