ورُبّ مكنونةٍ كالدرِّ ضُنَّ بِهِ ... على العيونِ فصانتهُ نواضدُهُ
وانظر هذه الصورة التي لم تكُن بنت الخيال بل كانت بنت الواقع، صورة الأم التي قتلوا بعلها فهربَت تحمل طفلها، فأصابته شظيّة بترت يده، فضمّت إلى صدرها جسداً جريحاً ينزف دماً:
يا هولَ ذلكَ مِن مرأىً شهِدْتُ وقدْ ... ودِدْتُ لو كنتُ أعمى لا أشاهدُهُ
* * *
أما محمد البزم، رابع الشعراء، فهو جزل الألفاظ ضخم التراكيب، وإن كنت كتبت عنه وأنا طالب لمّا هجا أستاذنا الجندي في مجلّة الميزان عند أحمد شاكر الكرمي فقلت: إن شعره جدار من الحجارة لكنها مركومة ركماً ما بينها ملاط. وكان ذلك في أواسط العشرينيات.
قصيدة البزم طويلة، على عادته في أكثر قصائده. سبعة وتسعون بيتاً من بحر واحد وقافية واحدة، وهي قافية تصلح للحماسة كما تصلح للغزل والرثاء، فهي من أليَن القوافي وأطوعها، ومن أرقّها إن شئت ومن أقواها. مطلعها: