للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محاضراتي فتضيع عند الناس، وأسال الله أن لا تضيع عنده، لكن هذه المحاضرة كتبها إخوان ودوّنوها فبقيَت لديّ. كان موضوعها «طرق الدعوة إلى الله» (١)، ركّزت ذهني فيها على ما أعرف من طرق الدعاة، من السّرهندي الذي دُعي مجدّد الألف الثاني، لأنه عمد إلى صرح الكفر الذي شاده الإمبراطور أكبر في الهند، فجاءه من القواعد بلين وهدوء، كهدوء الماء ولينه إذ يتسرّب إلى أساس البناء حتى إذا تشرّبه ألانه ثم جرفه فهدّه. لقد هوى بناء الكفر وقام من أحفاده الإمبراطور الذي قبس من نور الشيخ، بل من ضياء الإسلام، فسار على هذه الطريق، وهو أورنك زيب. فأقام صرح الإيمان، والإيمان معه دائماً العزّ والنصر وله الدوام إلى آخر الدهر، ولو قامت في سبيله العقبات واعترضته الموانع فإن النصر له والعاقبة للمتقين. ثم تكلّمتُ عن طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي كان من نتيجتها ومن تحالفه مع الإمام محمد بن سعود أن وحّد الله الجزيرة ونقلها من حال إلى حال. ومن الدعاة من كان أسلوبه في الدعوة بثّ الأفكار وتنبيه الناس، ومَن عمد إلى الصحف والمجلات يدعو فيها إلى الإسلام.

وقد وجدت عند أبي الحسن وندوة العلماء النافعَ من هذه الطرق كلها؛ فهم يتخذون وسيلة التعليم، وهي أصدق الوسائل التي يتوسل بها الدعاة، وإن كان ثمرها قد يتأخر في الظهور ولكنه مضمون. وما قيمة عشر سنين في تاريخ الأمم التي تمتدّ أجيالاً


(١) سبقت الإشارة إليها في الحلقة ٢١٨ في هذا الجزء، وهي في كتاب «فصول إسلامية» وعنوانها «طرق الدعوة إلى الإسلام» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>