للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد عشت بحساب التقويم ثمانين سنة قمرية بقي عليّ حتى أستكملها خمسة عشر يوماً فقط، ولكني عشت بحساب الحقيقة والواقع ثلاثمئة سنة! لقد شهدت من تحوّل الأحوال وتبدّل الأوضاع وتغيّر الأفكار ما لا يتمّ مثله إلاّ في ثلاثة قرون.

كنت مرة في زيارة لجامعة الرياض (التي دُعيَت جامعة الملك سعود) بتكليف من معالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ، فدرت على كلّياتها السبع وحاضرت فيها، وأجبت عن أسئلة طلاّبها واستفدت من أساتذتها، فكان مما سألوني عنه: العقيدة والأخلاق في المجتمع الآن والمجتمع الذي كان ونحن صغار؟

فضربت لهم مثلاً بِركةً واسعة كانت مغبرّة الماء ولكن ماءها لا يزال طاهراً، فأقاموا في ناحية منها مصفاة حفروا لها بركة صغيرة، فامتلأت هذه البركة بماء نقي صافٍ ليس فيه شيء من اغبرار ماء البركة، وما خرج من المصفاة من أقذار وأوساخ ألقوه في بركة أخرى صغيرة فصار ماؤها نجساً أو قريباً من النجس، وبقي جلّ ماء البركة على حاله.

قلت لهم: هذا مثال المجتمع أمس واليوم؛ كنا متمسكين بالإسلام ولكنه إسلام العوام، ففي العقيدة شيء دخل عليها ليس منها، وفي العبادات بدع ابتُدعت فيها، وفي المجتمع مخالفات للإسلام لم تكن على عهد الصحابة ولا التابعين، فصار عندنا الآن طبقة قليلة من الناس (أكثرهم من الشباب) قد صفَت عقيدتهم وخلَت من البدع عباداتهم واستقام في الحياة سلوكهم وعادوا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>