«اشتراكية الإسلام»، ألّف في ذلك صديقنا الداعية إلى الله الرجل الصالح الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله. ولقد حضرتُ محاضرته في الجامعة السورية عن هذه الاشتراكية التي سمّاها إسلامية (على ندرة ما أحضر من المحاضرات)، وكان إلى جنبي في الصف الأول أخي ورفيقي في كلية الحقوق وأحد أصدقاء عمري الشيخ مصطفى الزرقا، فكنت أعترض أخانا الشيخ السباعي كلما اختار حكماً فقهياً ضعيفاً يراه أقرب إلى الاشتراكية وأقاطعه وأنا في مكاني. وكان بيني وبينه مناقشة بعد ذلك في الصحف قلت له فيها وقال لي. وأنا أشهد له (وقد مضى إلى لقاء ربّه) أنه ما أراد بما كتب إلاّ الخير وأن يقرّب الاشتراكيين إلى الإسلام. والشيخ السباعي أمتن ديناً وأكثر علماً من أن يكتب أو يقول ما يخالف الإسلام، ولكن الاشتراكيين كانوا أوسع حيلة وأقوى أداة وأكثر وسائل، فاتخذوا كتابه ذريعة لتقريب المسلمين من الاشتراكية، وما أراد إلاّ أن يقرّب الاشتراكيين إلى الإسلام.
ونفخ عبد الناصر في بوقها، وجاء برجل طويل اللسان غير نظيف الجَنان، ثقيل الدم سقيم الفهم، ينعب من صوت العرب، يقول ما يستخفّ الحليم الوقور من العدوان على الحقّ بالسفاهة والمراء والباطل. ثم قام عبد الناصر يدعو إلى ما سمّاه «التحويل الاشتراكي»، فكتبتُ أردّ عليه في أحاديث ما علم أحدٌ قبل أن أكتب هذه السطور أني كاتبها، وأعطيتها واحداً من إخواننا الإذاعيين المعروفين هنا (وهو يتولى الآن منصباً إعلامياً كبيراً) فأذاعها من إذاعة المملكة، كان مما قلت فيها: إن مصر قبل الإسلام كانت تمشي في طريقٍ جاء عمرو بن العاص ليحوّلها عنه