قد قضيت لنفسي، وأنا أعرض قضائي على القراء لأسمع ما لهم فيه من آراء.
أنا أولاً أسأل نفسي فأقول: يانفس هل كنت تكتبين مايخالف الدين ولو أُعطيتِ على كتابته الملايين؟ فأجد الجواب اليقيني الصادق أن: لا. وأسألها: إن لم يكن في الساحة من يُنكِر المنكَر غيرك يانفس، وكان الإنكار واجباً شرعاً، هل كنت تمتنعين عن إنكاره لأنك لم تُعطَي أجرة الكتابة؟ فأجد الجواب اليقيني الصادق أن: لا. وأنا أقول الآن ما كنت أقوله من قبل، هو أني ما بدّلت بحمد الله ولا غيّرت وما قلت يوماً كلمة الباطل وأنا أعرف بطلانه، وإن صرت أعجز أحياناً عن أن أعلن كلمة الحقّ.
إن أول كتاب صغير نُشر لي سنة ١٣٤٨هـ، ما قلته فيه هو الذي قلته في آخر كتاب أُعيدَ طبعه لي سنة ١٤٠٦هـ، وإن تبدّل مني شيء فهو الأسلوب؛ كنت فتى فيه شدّة وفيه حدّة، فألانتني الأيام قليلاً وهدّأَت من حدّتي، وإن كانت لم تستطع أن تمحوها من نفسي:
والشيخُ لا يَترُكُ أخلاقَهُ ... حتى يُوارى في ثرى رَمْسِهِ