للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجامعة، وكان من نتيجة ذلك أن نركّب في هذه الكرات التي أقامها الله بين أكتافنا شريط تسجيل لا دماغاً حياً!

لمّا كنت شاباً تُرجم إلى العربية كتاب أظنّ أن اسمه «التربية الحديثة» لأدمون دومولان، وقد نسيت اسم مترجمه، وهو باقٍ في مكتبتي في الشام التي لا أعلم هل يُكتب لي أن أعود فأراها أم أموت بعيداً عنها. كان لهذا الكتاب أثر بالغ في نفسي وفي نفوس الذين قرؤوه، لأنه جاء بشيء جديد (أو بشيء كان في تلك الأيام يُعَدّ جديداً). قرأته مرات وبقي في ذهني كثير مما فيه؛ من ذلك أن المؤلّف ذهب إلى إنكلترا ليدرّس في إحدى مدارسها، فقابل مديرها وأخرج له شهاداته، فنحّاها المدير مبتسماً وقال له: أنا لا أريد أوراقاً بل مدرّساً، وهؤلاء هم طلاّبك، فتفضل فألقِ الدرس عليهم.

فكان مما تعلمته منه أن كفاية المرء لا تُقاس بشهاداته بل بعلمه وعمله.

ولمّا أُسّس أول قسم للدراسات العليا في المملكة في مكة المكرمة كانت اللجنة التي وضعت نظام هذا القسم مؤلَّفة من عميد كلية التربية في تلك الأيام الأستاذ البغدادي، وأخي الدكتور أمين المصري رحمة الله عليه، وهو الذي سعى في إنشاء هذا القسم وألحّ في هذا السعي وصبر فيه على المتاعب، والدكتور إسحاق الفرحان الذي صار وزير المعارف ووزير الأوقاف في الأردن، فلم تغيّره الوزارة كما غيّرَت من الناس غيرَه وبقي يعيش فيها كما كان يعيش قبلها ويعمل للإسلام كما كان يعمل، وأنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>