للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أترونني خرجت عن موضوع الذكريات؟ إذن فقولوا للجريدة تبدّل العنوان. أنا لا أريد أن أقتصر في ذكرياتي على رواية ما فعلت ولا ما رأيت وما سمعت، فإن فيما أستطرد إليه وأتكلم أحياناً فيه ما هو أنفع للقراء من ذكرياتي. أنا لا أتكلم الآن عن الحج فللحج وقت يحسن الكلام فيه، ولكنها مناسبة عرضت فأحببت أن أستفيد منها:

إذا هبّتْ رياحُكَ فاغتنمْها ... سيأتي بعدَ هَبّتِها سُكونُ

وهذا الكلام ينفع اليوم كما ينفع وقت الحج. والتلبية أولاً والتكبير ثانياً هما شعار الحج، وهما يَحسُنان في كل حين. وصيغ الذكر كثيرة، ولكن الله جعل لكل مقام مقالاً ولكل عبادة ذكراً، فمن قرأ القرآن في الركوع والسجود كان مُسيئاً، وإن كان القرآن أفضل من التسبيح.

فلماذا لا نلبّي نداء ربنا في الحج وفي غير الحج؟ لماذا نلبي بألسنتنا ولا نلبي بقلوبنا؟ لماذا لا يظهر أثر تلبيتنا في سلوكنا وفي أعمالنا وفي كل مظاهر حياتنا؟ دعا محمد، صلّى الله على محمد، إلى ما فيه عزّ الدنيا ومجدها وسعادة الآخرة ونعيمها، فقامت قريش تمنع الناس أن يلبوا دعوة محمد ‘ وتؤذي من لبّى وتُذيقه العذاب ألواناً. وإن كان كل ما صنعت قريش من ألوان التعذيب لا يبلغ ما نراه أو نسمع به اليوم من الكفرة الملحدين الذين تَسلّطوا على بعض بلدان المسلمين. فأين قريش المشركة الآن؟ لقد صارت هي نفسها مع من لبّى دعوة محمد، لأن الله غالبٌ على أمره والباطل كان أبداً زهوقاً، وسيُزهِق الله باطل أعداء الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>