فقالوا: نعم. وسألنا من كان حولنا: هل يذهبون معنا؟ فذهب كثير من الطلاب وذهب بعض الأساتذة والمدرسين، وقال الأستاذ عبد الرحمن (وهو صادق فيما يقول) إنه لولا وعكة ألمّت به ذلك اليوم لذهب معنا، وسمع ذلك وكيل المدرسة الأستاذ أبو الخير فقال: أنا أذهب معكم.
ولست أحفظ ما قلته في ذلك اليوم ولست أدري في أي سنة كان، ولكنه كان قبل أكثر من عشر سنين، بل إني أظن أنه كان قبل أكثر من خمس عشرة سنة، الله أعلم فلست أدري، فأنا أذكر الحوادث القديمة في حياتي ولكنني لا أذكر الجديد. لأن القديم صادف قلباً خالياً وذهناً واعياً، وكانت أحداثه قليلة فاستقرّت وبقيت. فالآن حين وهن القلب وونى الذهن، وكثرت الأحداث وتشابهت عليّ الأيام، لم أعُد أستطيع أن أعي ولا أن أحفظ.
تشابهَت الأيام لأني لا أعمل عملاً موقوتاً كأعمال الموظفين، فعمل الموظف كمن يمشي على طريق معبَّد فيه الصُّوى (أي الإشارات)، يعرف منها أين بلغ وكم قطع. ومَن كان مثلي لا عمل له كان كالذي يمشي في الأرض البراح، لا جادة يتبعها ولا محطات يقف عليها.
والشريط الذي سجّل عليه الرائي هذه التلبية وبثّها وسمعها ورآها الناس، هذا الشريط ليس عندي. لم أجد عندي إلاّ جُزازات، قطع أوراق كنت كتبتها كالمذكرات لي بما أقوله، أمثّل عليها الآن ببعضها.
نقول جميعاً: "لبّيكَ اللهم لبّيكَ، لبّيكَ لا شريك لك، إن