للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسين سنة من كتابة هذه الحلقة، يوم كانت الرياض شبه قرية حولها سور له أبواب، وكان موضع شارع الوزير صحراء، وكانت البطحاء بطحاء حقيقة، وكان بين الرياض ومنفوحة فضاء ما فيه عمارة. ومن يعرف الرياض الآن لا يستطيع أن يتصور كيف كانت في ذلك الزمان.

أما الزيارة الثانية فكنت قد رتّبتها مع سعادة السفير الشيخ عبد العزيز بعد ذلك بنحو اثنتين وعشرين سنة، حين دعا جماعة من القضاة لزيارة المملكة زيارة رسمية، فذهبنا ثلاثة: رئيس المحكمة العليا الأستاذ عبد القادر الأسود، وزميلنا المستشار في محكمة النقض الأستاذ نورس الجندي، وأنا. وكانت الرياض قد اتسعت قليلاً وخرجت من السور، وظهر شارع الوزير، وإن كان البناء فيه قليلاً، وأُقيمَ فيها فندق أظنّ أن اسمه فندق زهرة الرياض (أو لعلّي أخطأت الاسم وأنسانيه طول المدى).

جئنا الرياض عن طريق جدة بعد أن أقمنا في جدة أياماً، كان مقامنا خلالها في فرع لفندق الكَنْدَرة. وكنا نقضي أكثر يومنا عند وجيه جدة الأفندي الشيخ محمد نصيف، نجلس إلى مائدته ونستفيد من مكتبته ونأخذ من حديثه، وحديثه تاريخ ناطق وفوائد مجتمعة رحمة الله عليه. ثم زرنا مكة، ولم يكن قد تمّ تجديد الحرم ولا اكتملت توسعته، ثم ذهبنا بالطيارة إلى الرياض، ثم ركبنا القطار إلى الظهران وعُدنا منها إلى الشام.

وقد وجدت في الرياض لمّا جئتها للعمل فيها في زيارتي الثالثة لها سنة ١٩٦٣ (١٣٨٣هـ) جماعة من إخواننا المدرّسين

<<  <  ج: ص:  >  >>