للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السوريين، منهم الأستاذ الدكتور محمد الصبّاغ والشيخ الدكتور مصطفى الخَن والأستاذ عمر عودة الخطيب والأستاذ عبدالقدوس أبو صالح، ومنهم من غاب الآن اسمه عن بالي ولكن ما غاب فضله وكرمه عن صفحة قلبي. واستأجرت داراً، كانت دارَ مجلة راية الإسلام، تواجه دار الإفتاء وتجاور المسجد الثاني في الرياض والمكتبة الكبيرة الملحَقة به. وسرّني أنها دار ليس فوقها ولا تحتها مسكن لأحد، فأنا أنام آمناً أن يوقظني أحد بقرع الجدار إلى جنبي أو رفع الصوت من تحتي أو الدقّ على السقف من فوقي، ولكن ساءني منها أنني أصبحت ففتحت باب الشرفة أنظر منها، فإذا أنا أطلّ على خربة يدخل إليها الناس ليقضوا فيها حاجاتهم! فلا تسأل عن قبح الرائحة ولا عن سوء المنظر. ففتّشت عن دار غيرها بعد أن أقمت فيها أياماً، كان الناس يسألونني فيها: أين نزلت؟ فأقول: في «المَشَخّ»، على وزن «المَلَزّ»، وشتّان ما بينهما! والملزّ كلمة فصيحة. قال جرير:

وابنُ اللَّبونِ إذا ما لَزّ في قَرَنٍ

لم يستطعْ صولةَ البُزْلِ القَناعيسِ

والكلمة من عامي الشام الفصيح، وما أكثر الفصيح في العامية الشامية على قبح لهجتها وعلى رخاوة النطق بها؛ فيقول المعلم عندنا لتلاميذه: "لزّوا السطور"، أي قاربوا بعضها من بعض. فكلمة «المَلَزّ» لسباق الخيل عربية فصحية، كما أن الكلمة التي وضعتُها مازحاً (كلمة المشخّ) فصيحة أيضاً، وما كل صحيح فصيح ولا كل فصيح مليح.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>