وأخذني الإخوان إلى مكان العمل، إلى «الكلّيات والمعاهد»، وكان هذا هو اسمها، وقد صارت اليوم «جامعة الإمام محمد بن سعود». وكانت في عمارة إلى جنب البلدية تجتمع فيها الكلّيتان، وخُبّرت الآن أن الدولة بنت لها بناءً كبيراً واسعاً لا أعرف أين يقع.
وكان المشرف على «الكليات والمعاهد» هو الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم، نائباً عن أخيه المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم الذي كان المفتي وكان رئيس الكليات والمعاهد ورئيس الجامعة الإسلامية في المدينة ورئيس رابطة العالَم الإسلامي، وكانت له رياسات أخرى، رحمة الله عليه وعلى الشيخ عبداللطيف وعلى كل من ذكرت وأذكر في هذه الفصول. وكنت قد عرفته من قبلُ، وعرفت الشيخ عبد العزيز بن باز طوّل الله عمره وقوّاه ووفّقه، فلقد لمست منه العلم الواسع والخلق الرضي والإخلاص لله في العمل.
رحّب بي الشيخان الأخوان رحمة الله عليهما، وكان المشرف الفعلي على الكليات هو صديقنا الشيخ عبد العزيز المسند، ومعرفتكم به تُغنيكم عن وصفي له.
وكان مدير الكلّيتين رجلاً فاضلاً سمح الخلق، يحب الجميع ويحبه الجميع، وكان بابه مفتوحاً دائماً يدخل عليه من شاء، فكنت أجلس عنده كل يوم سُوَيعة آنس به. وكان يجتمع عليه الطلاب في فرصة الظهر يستأذنونه في الخروج، ولم يكن يُسمَح بالخروج من الباب إلاّ لمن يحمل ورقة موقَّعة منه، فكان