للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جاءه الطالب أخذ ورقة الإذن بيده وشرع ينصحه بلسانه، يقول: إن الخروج ياولدي ممنوع إلاّ في حالة الضرورة، فلماذا تضيع وقتك وتُتعِب نفسك؟ ثم يقول له: ما اسمك؟ فيكتب اسمه في الورقة، ويرجع فيقول: ولماذا لا تبقى في الكلية؟ ويسأله: في أي كلية أنت؟ ويكتب ذلك في الورقة. وكنت أعجب من طول باله وسعة قلبه وحسن خلقه، وأعتذر لأني نسيت اسمه.

وعطشت يوماً وأنا عنده فقلت له مازحاً: متى تكون صلاة الاستسقاء؟ قال: ولماذا السؤال؟ قلت: لأنني أرجو أن يأتي الله بالمطر فإنني عطشان. فضحك وقال لرجل يتربّع على كرسي إلى يساره (وكنت أنا على الكرسي على يمينه) قال: يافلان، هات ماءً للشيخ.

فإذا هو فرّاش، وإذا الفرّاشون يجلسون مع الرئيس في مكتبه! وجدت ذلك في كل دائرة كنت أدخلها، وقد وجدته أولاً عند صديق الشباب والكهولة الدكتور منير العجلاني لمّا كان كبير المستشارين في وزارة المعارف، وكنت أزوره كل يوم أو يومين.

وعطشت مرة أخرى فقلت للقاعد على هذا الكرسي: من فضلك هات لي كأس ماء. فدُهش المدير وقال: ألا تعرف الشيخ فلاناً؟ وإذا هو رجل رفيع المنزلة عالي القدر! فصرت بعدها إذا مِتُّ من العطش لم أطلب ماء لأنني لا أعرف الفرّاش من أمير المؤمنين.

وهذه هي الطبيعة العربية الإسلامية، وهذه التي يسمّونها

<<  <  ج: ص:  >  >>