أفيكون فيمن نعدّهم بشراً مَن ينزل في مرتبته عن الذئب والحيّة والعقرب؟
والناس يتحاربون منذ كانت الحروب، ولكن الفارس المسلَّح لا ينازل إلاّ فارساً مسلَّحاً، ما عهدنا رجلاً شريفاً وبطلاً معروفاً يحارب النساء والأطفال. وربما حاصر الجيشُ قلعةَ عدوّه ليسلّم، ولكن ما عهدنا مقاتلاً شريفاً يحاصر نساء وأطفالاً حتى يموتوا.
أنا أفهم أن يُمنع وصول السلاح إلى الجند المحاصَرين، أما أن يُمنع وصول الطعام إلى الجائعات والجائعين من النساء والأطفال ممن لا يحمل السلاح ولا يخوض المعارك فشيء لا نستطيع أن نفهم له معنى.
إنْ كان الذي يفعل هذا يُعَدّ إنساناً فأنا أخجل بعد اليوم أن أكون من بني الإنسان! أين الإنسانية وأين العدل؟ العدل موجود له وزارة، ولكن وزير العدل له اسم مثل اسم مجوّع النساء وقاتل الأطفال، فهل في الدنيا مفارقة مضحكة ضحكاً يفطر من الألم الأكبادَ ويمزّق القلوب كهذه المفارقات؟ فقولوا لمعالي الوزير: أهذا هو العدل الذي نصّبوك لتكون وزيره ولتُقيمه بين الناس؟ قولوا له: أما لك أطفال؟ أتنام إن كان طفلك يبكي من الجوع؟ ماذا تملك لنفسك لو مدّت أيديها أولئك الأمهات اللواتي جوّعت أطفالهن فدعون الله في سواد الليل أن ينتقم منك، وأن يُريك العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، وأن يكتب على أطفالك وعلى نسائك مثل الذي صنعتَه بأطفال المخيمات ونسائها، وأنت ترى ولا تملك دفعاً ولا منعاً؟