من صغره ومن هوانه ومن ضآلته أنها لا تراه العيون وأنها لا تدركه المجاهر الكهربية (الإلكترونية). هذا هو الإيدز سلّطه عليكم، فها أنتم هؤلاء تضجّون منه وتشكون وترتجفون منه خوفاً وهلعاً، ولاتقدرون له على شيء. ولو وُفِّقتم إلى الوصول إلى ما جعله الله دواء له (والله ما أنزل داء إلاّ أنزل له دواء) ولو أنكم فررتم منه لابتلاكم بما هو أشدّ وأقسى.
فيا أيها الذين يظنّون أنهم يقدرون أن يحاربوا الله وأن يجاهروه بالكفر وبالعصيان: إنكم مساكين، مساكين تستحقّون الشفقة عليكم والسخرية بكم، تحاربون الله وأنتم عاجزون عن حرب أهون مخلوق من مخلوقات الله!
أفلا يخشى هؤلاء الذين يتلذّذون بمشهد الأطفال وهم يموتون من الجوع بين أيدي أمهاتهم ويمنعون الرِّفد عنهم، ألا يخشون الإيدز وما هو شرّ من الإيدز أن يُبتلى به نساؤهم وأطفالهم، وأن يذوبوا أمام أعينهم فلا يملكون شيئاً لهم؟ وهذا كله في الدنيا، أفلا فكّرتم بما هو وراء الدنيا؟ أنسيتم أن في الدنيا موتاً، وأن بعد الموت نشراً وحشراً ووقفة بين يدَي ربّ الأرباب يوم الحساب، ثم بعد ذلك جهنم؟
وما جهنم؟ إن هؤلاء، بل إننا جميعاً في سَكْرة، في غفلة، في نَومة عميقة، فمتى نصحو؟ ومتى نتنبّه؟ ومتى نفيق فنفكّر في جهنم؟ إن نار الدنيا ياأيها الناس نعمة، تدفّئ المَقرور وتُنضِج الطعام ولها المنافع الجسام، ولكن نار الآخرة محض عذاب.
فمن يستطيع أن يحتمل نار الدنيا التي هي نعمة؟ أما عند