للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء في بيوتهم موقد غاز؟ قولوا لهم: ليضعوا فوقه حديدة حتى تحمرّ، ثم لينظروا هل يقدرون أن يرفع أحدهم ثوبه ويقعد عليها دقيقة؟ ربع دقيقة؟ ثانية واحدة؟ فما لهم يعرّضون أنفسهم لنار جهنم؟ إن المجرم يُحكَم عليه بالحبس الاحتياطي ثلاثة أيام فلا يباليها، يقول: وما ثلاثة أيام؟ أقضيها -كما يقول عُتاة المجرمين- على جنب واحد.

فهل تدرون ما ثلاثة الأيام في جهنم؟ هل تعرفون كم هو طولها؟ إن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدّون، فالذي مضى من يوم هاجر سيدنا محمد عبدُ الله ورسوله عليه الصلاة والسلام إلى الآن يوم ونصف يوم فقط. والذي مضى من يوم وُلد سيدنا عيسى عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام إلى الآن أقل من يومين! فهل تدرون ما معنى أن يُحكم على العاصي بشهر واحد في جنهم؟ معناه أنه يمضي ثلاثين ألف سنة. فكيف بمن يُقضى عليه بالبقاء فيها سنين من سنوات الآخرة؟ فكيف بالكافر الذي يُحبس فيها حبساً مؤبداً، أي بمَن يخلد فيها؟

فويل للقاسية قلوبهم الذين لا يفكّرون إلاّ في حاضرهم، الذين يخلدون إلى الأرض فلا يرفعون رؤوسهم إلى السماء، الذين يغترّون بما نالوا من قوة ومن مال ومن سلطان ومن جند وأعوان! أيظنون أنهم باقون في هذه الدنيا أبداً؟ هل خلد من قبلهم أحد فيها حتى يخلدوا؟ ألم يَمُت من هو أقوى منهم وأغنى وأكبر سلطاناً وأكثر جنداً وأعواناً؟ ياأسفي! إن مِن أضيَع الكلام في هذه الأيام كلام الواعظين. ياأسفي على المسلمين! إنهم كثير ولكنهم غثاء كغثاء السيل، إنهم قريب من ألف مليون ولكنهم متفرقون

<<  <  ج: ص:  >  >>