منقسمون متناحرون متباغضون. رفع الاستعمار يده المباشرة عنهم ولكنه ترك فيهم بيوضَه فخرجت منها فراخ كانت شراً منه، فصنعت بنا ما لم يصنعه المستعمرون.
* * *
يا أيها القراء، أنا ما لي في هذه المعارك ناقة ولا جمل وما لي فيها نعجة ولا دجاجة، وما لي في جماعة «أمل» عدوّ أريد أن أنتصف منه ولا لي في أهل المخيمات صديق أحب أن أنتصر له؛ إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت، وأن لا تنطبق على المسلمين الأوصافُ التي وصف الله بها الكافرين حين قال:{بأسُهُمْ بينَهُمْ شَديدٌ}، وأن يتّصف المسلمون بما وصفهم به الله حين قال إنهم:{أشدّاءُ على الكُفّار رُحَماءُ بينَهُمْ}، وأن لا نسمع عن بلد إسلاميّ أن أهل الرأي فيه يتجادلون في شرع الله: هل يطبّقونه أم يأخذون شرائع الكافرين بدلاً منه؟ وإن منهم مَن يخالف إخوانه من المسلمين ويحالف أعداءه من الكافرين!
أنا رجل متقاعد خرجتُ من الميدان من زمان، بل إنني سأخرج من هذه الحياة عما قريب، لا أعلم متى فالآجال بيد الله، ولكنني لا أطمع أن أعيش مثل الذي عشته، ولا نصفه، ولا ربعه. ولو أردت الراحة لجفّفت قلمي وطويت أوراقي وأرحت الناس مني، ولكن الله أوجب على مَن علم الحقّ أن يبيّنه للناس، والحقُّ أننا جرّبنا استعمال كل دواء فما شفى، وسلكنا كل طريق فما أوصل. الدواء الشافي والطريق الموصل هو الإسلام وحده، على أن يكون رجوعنا إليه بالمحبّة وبالتعاون لا بالنزاع والخصام، وأن نضع جميعاً، حُكّاماً