للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلب (والعرب تسمي القلب كبداً). وكانت كلّ خلية في جسدي أذناً مرهفة تستمع؛ أتصوّر الرسوب فأنظر أين أهرب حتى لا يراني الناس وإلى أين أهرب حتى لا يعيّروني برسوبي، تمرّ عليّ الخواطر كأنها شريط سينما قد أفلت فهو يكرّ بسرعة حتى ما يستطيع الناظر إليه أن يتبيّن مشاهِدَه، لا أنظر إلى أحد ولا ينظر إليّ أحد قد شُغل كلٌّ بنفسه. وفجأة سمعت المستشار ينادي: بوش غا كود سي آلي تان تاوي (أي بشرى قدسي، علي طنطاوي).

لمّا سمعت اسمي لم أعُد أبالي بشيء، وصار همّي أن أجد طريقاً لأحمل فرحتي وأخرج بها لئلاّ تسقط مني وسط الزحام. لقد كانت إحدى الفرحات القليلة التي أحسست بها في حياتي، فهل يُكتَب لي أن أسمع اسمي مع الناجحين مرة ثانية في الامتحان الأخير الذي ليس له دورة ثانية ولا لمن خسر فيه سبيل إلى إعادته؟ والله ما لي عمل أقدّمه لأستحقّ به النجاح في ذلك اليوم، ما أتكل إلاّ على كرمك يا كريم، يا أكرم من كل كريم، يا رب.

* * *

ثم كانت مفاجأة أخرى! جاء كتاب من خالي مُحِبّ الدين يخطب أختي لشريكه عبد الفتاح قتلان، فوافقَت هي ووافقنا، ودعاني أن أذهب بها إلى مصر.

إنكم لا تدرون ماذا أثارت هذه الدعوة في نفسي من مشاعر وفي ذهني من خواطر. كانت مصر في خيالنا يومئذٍ دنيا مسحورة فيها العجائب، وكل مرغوب فيه يأتينا منها، المجلاّت

<<  <  ج: ص:  >  >>