للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولي مع هذا المرض تاريخ طويل طويل، دخلتُ معه المستشفيات في دمشق والمستشفى الأميركي في بيروت ومستشفى الرياض هذه المرة، ودخلت مستشفى قصر العيني في مصر مرة، ودخلت بعض المستشفيات في أوربا، وما أشكو في ذلك كله إلاّ هذه الحصاة. وربما حدّثت القراء يوماً حديثها إن سمحوا بذلك ووعدوا أن يصبروا عليه.

وسمع صوتي جارُنا في غرفته التي بناها خلسة فنقمت عليه بناءها، ولكنني وجدتها الآن نعمة. وما في الدنيا شرٌّ لا خيرَ معه ولا خيرٌ لا شرَّ معه إلاّ طاعة الله وابتغاء الآخرة، فهذا هو الخير الخالص. وكان جارنا، صاحب الدار، يعلم أنه ليس معي من يحتشمه من النساء، ولم يكن أخي ناجي تلك الليلة في الدار، ففتح الباب بالمفتاح (وهو معه) ودخل عليّ، ودخل معه جار آخر سمع من صراخي ما سمع فأقبل معه لمّا أقبل، جفَوا فراشهما الدافئ في هذا الليل البارد وجاءا يؤدّيان حقّ الجار على الجار، فجزاهما الله خيراً.

وجعل يسائلني، وما بي طاقة على الجواب إلاّ أن أختلس لحظة بين آهتين من آهاتي، وسمعني في هذه اللحظة أذكر اسم الأستاذ محمد الصباغ والأستاذ سليمان الحافظ، فاتصل بهما. ولم يكن في الرياض في تلك الأيام هواتف في البيوت، ما كانت فيها إلاّ هواتف قليلة تُدار باليد، ولكن الحيّ حيّ عسكري فسَهُلَ عليه أن يتصل بمن يذهب إلى أحد الأستاذين فيخبرهما بما أنا فيه.

ومن مزايا المسلمين أنهم عند الشدة يصيرون كأبناء الأم الواحدة والأب الواحد، وما من ذلك شيء إلاّ شيئاً قليلاً عند

<<  <  ج: ص:  >  >>