فلما تدفّق الإخوان عليّ وتَكرّم بزيارتي الوزيران الصديقان الشيخ محمد عمر توفيق وزير المواصلات ووزير الحج بالنيابة، والشيخ حسن رحمة الله عليه وزير المعارف ووزير الصحة بالنيابة، زادت عناية القوم بي واهتمامهم بمرضي.
وتَبيّن أنه لا بدّ من عملية جراحية، ففضّلت أن أعملها في الشام؛ لا لأنه لم يكن في مستشفى الرياض أطباء يقدرون عليها، بل لأن هناك من أعرفه من قديم وهناك أهلي وأقربائي، والمريض يأنس بزيارة أهله وأقربائه. وكان على رأس الأطباء الذين يُعنَون بي في الشام الدكتور حسني سبح، وهو شيخ جاوز التسعين (وقد بلغني أنه توُفّي من قريب، رحمه الله)، وهو بقية جماعة كانوا أساتذة أطباء الشام جميعاً. منهم الدكتور حمدي الخياط، وقد خلّف ولداً عبقرياً نابغاً طبيباً عالِماً هو الدكتور هيثم الخياط، ومنهم الدكتور عِزّة مريدن، وكان يومئذ عميد كلية الطب في الشام، ومنهم الأخ الطبيب الحبيب الدكتور مظهر المَهايني، الذي أجرى لي في مستشفى كلية الطب من قبلُ ثلاثَ عمليات لم يأخذ عليها لنفسه أجراً. فجزاه الله وجزاهم خيراً.
* * *
وأخذوني إلى مستشفى المواساة الذي أقامه جماعة من كرام الشاميين بسعي من الدكتور حسني سبح رحمة الله عليه، الذي توفّي وهو رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق، وهو أحد الأطباء الذين جمعوا بين الطب في أحدث ما سما إليه وبين اللغة العربية، إحاطة بها وتحقيقاً لفصيحها وشواردها. وسأكتب عنه إن شاء الله