للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلاً طويلاً حين أعود فأكتب عمّن عرفت من الرجال.

ودمشق كما يعرف الناس أجمل مدينة على وجه الأرض، وموضعُ مستشفى المواساة (الذي كان يُدعى من قبل مَصْطبة الهبل) أجمل موقع في دمشق. وكان مديرُه أحسنَ مدير لمستشفى عرفته في عمري وأضبطَه لعمله، على رقّة فيه ولطف، وهو الأستاذ كامل الرّوماني، وكان من قبل زميلاً لنا في التعليم، ولست أدري أهو حيّ فأهديه سلامي أم قد توفّاه الله فيمَن توفّى من أصحابي فأسأل الله الرحمة له؟ وعرفت عدداً من الأطباء الشباب يومئذ الذين كانوا يتدرّبون في هذا المستشفى، منهم الدكتور مأمون العظمة الذي صار بعدُ طبيباً كبيراً.

وكان في غرفة إلى جنب غرفتي رفيقُ عمري وشقيق نفسي أنور العطار، مريضاً مثلي، لا يقدر أن ينتقل إليّ حتى أراه ولا أستطيع أن أنتقل إليه فأزوره، فكنت معه كما قال المعرّي في هذا البيت الذي تضمّن معنى عجيباً وتشبيهاً نفيساً غريباً، حين قال:

كتَجَاوُرِ العينينِ لم يتلاقيا ... وحِجازُ بينِهِما رقيقُ جِدارِ

وكان إخواننا يخافون أن يقع لي ما وقع في المرّة الماضية (سنة ١٩٥٧) في مستشفى المُجتهِد، وهو أكبر مستشفيات وزارة الصحّة في دمشق في تلك الأيام، حين جاء طبيب داخلي يتدرّب فيه وكان شيوعياً خبيثاً، فأدخل في دمي جرثومة نادرة هي التي تُسمّى بالعربية «العُصَيّات الزّرقاء»، فكان من أثر ذلك أن بقيت في هذا المستشفى ثم في مستشفى كلية الطب حين انتقلت إليه أربعة عشر شهراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>