للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامي يقول: «شرطٌ في الحقل خير من خصومة في البَيْدَر».

* * *

وأنا أختار من العلوم عادة -إذا درّست- ما يكون مجال القول فيها واسعاً، فلا أتقيد بمنهج ضيق ولا كتاب معيَّن، بل لا يجوز في العرف الجامعي أن نُلزِم الطلاب بكتاب يدرّس المدرس منه ويراجع الطالب فيه. فإن كان الكتاب من تأليف أحد المدرّسين، وسايره زملاؤه فقرّروه على الطلاب لإرضائه أو لجلب منفعة له، كان ذلك أسوأ. فإن تبادلوا المنافع، يقرّر هذا كتاب ذاك أو يُعين على تقريره، فيعود الآخر فيجزيه صنيعاً بصنيع ويقرّر له كتابه (كما هو واقع الآن في بعض الجامعات في بعض البلاد) يكونوا قد بلغوا الغاية التي ليس في السوء غاية بعدها.

اخترت أن أدرّس الثقافة الإسلامية لأني كنت أولَ من درّسها في الشام لمّا وُضعت في المناهج من نحو خمسين سنة (ولم تكن معروفة قبل ذلك)، ولأن فيها مجالاً للتجديد النافع وللبحث المنتج، ولأن الطلاب جميعاً، طلاب الأقسام كلها، يدرسونها؛ فلا يبقى فيهم من لم يمرّ عليّ ويستمع مني. وأكثرُ القائمين الآن على إدارة الجامعة والتدريس فيها كانوا يومئذ (سنة ١٣٨٤هـ لمّا جئت مكة) كانوا طلاّباً.

وأنا في العادة يُحبّني الطلاب لأني لا أقيّدهم، بل أقول لهم: مَن شاء أن يخرج فليخرج، ومن أراد أن يدخل فليدخل، ومن لم يُعجِبه قولي فليفتح كتاباً فليقرأ فيه، ولو كان قصة من القصص أو مجلة من المجلات، أو يكتب رسالة أو يَنْظم شعراً أو يسمع ما

<<  <  ج: ص:  >  >>