للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لينظر ويتطلّع، وأُجّر المقعد الواحد بعشر ليرات (١) ومكان الوقوف بليرتين، فكان هذا المنظر أحد الأعاجيب.

(إلى أن قلت): لقد ضاع حلمك ياغورو وتبدّد، وخابت أمانيك ياديغول، وحقّق الله الأمنيّة التي كان يجيش بها صدر يوسف العظمة شهيد ميسلون. وسيحقّق أماني سعد في مصر ورشيد في العراق وعبد الكريم في المغرب وعمر المختار في لوبيا (ليبيا) وعبد القادر في الجزائر وجناح في الهند. ولِمَ لا؟ وأهل سوريا التي نعمت بالجلاء لا يزيدون إلاّ قليلاً عن سكان القاهرة اليوم، والعرب كلهم بدولهم وحكوماتهم أقلّ من مسلمي الهند؟ (٢)

فتيهي يادمشق واعتزّي، فلقد كنت عاصمة العرب في أول الدهر حين أُنشئَ فيك المُلك الضخم وأقيمت الدولة العظمى، ورسا عرش عبد شمس على ثراك فطالت -بالإسلام- فروعُه النجمَ وأظلّت المشرق والمغرب وطلع على الدنيا مجداً ورخاء وأمناً، وعُدتِ اليوم عاصمة العرب حين كنتِ أول بلد عربي خلص لأهله بعد الاحتلال، فلا يشاركهم فيه جيش حليف ولا منتدب ولا وصيّ ولا مستعمر.

يا دمشق، لقد عادت أيام معاوية وعبد الملك والوليد، لقد اتصل التاريخ الذي كان انقطع منذ قرون.

(إلى أن قلت، والمقالة طويلة): في عمر الإنسان ساعات


(١) لمّا كان مرتَّب القاضي سبعين ليرة في الشهر.
(٢) وقد حقّق الله ذلك كله الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>