إنه لا يزال منا مَن يحرص الحرص كله على الجمع بين الذكور والإناث في كل مكان يقدر على جمعهم فيه: في المدرسة، وفي الملعب، وفي الرحلات؛ الممرّضات مع الأطباء والمرضى في المستشفيات، والمضيفات مع الطيّارين والمسافرين في الطيارات. وما أدري (وليتني كنت أدري!) لماذا لا نجعل للمرضى من الرجال ممرّضين بدلاً من الممرّضات؟ هل عندكم مِن علم فتُخرِجوه لنا؟ هل لديكم برهان فتُلقوه علينا؟ إن كان كل ما يهمّكم في لعبة كرة القدم أن تدخل وسط الشبكة، أفلا تدخل الكرة في الشبكة إن كانت أفخاذ اللاعبين مستورة؟ خبّروني بعقل ياأيها العقلاء.
لقد جاءتنا على عهد الشيشكلي من أكثر من ثلاثين سنة فرقة من البنات تلعب كرة السلّة، وكان فيها بنات جميلات مكشوفات السيقان والأفخاذ، فازدحم عليها الناس حتى امتلأت المقاعد كلها، ووقفوا بين الكراسي وتسوّروا الجدران وصعدوا على فروع الأشجار. وكنا معشر المشايخ نجتمع يومئذ في دار السيد مكي الكتاني رحمة الله عليه، فأنكرنا هذا المنكَر وبعثنا وفداً منا فلقي الشيشكلي، فأمر (غفر الله له) بمنعه وبترحيل هذه الفرقة وردّها فوراً من حيث جاءت. فثار بي وبهم جماعة يقولون إننا أعداء الرياضة وإننا رجعيّون وإننا متخلفون، فكتبتُ أرد عليهم أقول لهم: هل جئتم حقاً لتروا كيف تسقط الكرة في السلة؟ قالوا: نعم. قلت: لقد كذبتم والله، إنه حين يلعب الشباب تنزل الكرة في السلة سبعين مرة فلا تُقبِلون عليها مثل هذا الإقبال وتبقى المقاعد نصفها فارغاً، وحين لعبَت البنات نزلت الكرة في السلة ثلاثين مرة فقط،