فلماذا ازدحمتم عليها وتسابقتم إليها؟ كونوا صادقين ولو مرة واحدة واعترفوا بأنكم ما جئتم إلاّ لرؤية أفخاذ البنات.
وقد سبق مثل هذا الكلام فيما سبق من هذه الذكريات.
* * *
إذا أنشأَت الحكومة حديقة فغرسَت فيها سنديانة، ومرت عليها ثلاثون سنة حتى صارت دوحة عظيمة ممتدة الجذور، فمن يستطيع أن يقتلعها بيديه وأيدي العُصبة من أصحابه؟ وإن غُرزت دعامة من الإسمنت وجُعل لها أساس ضخم في باطن الأرض وأذرعة تمتدّ من هذا الأساس إلى الجوانب كلها، وجفّت الدعامة ويبست حتى صارت كالراسيات من صخرات الجبل، فمَن يقدر أن يقتلعها؟
إن الشهوة التي غرسها الله وغرزها في نفس الذكر للأنثى والأنثى للذكر أمتن من تلك السنديانة وتلك الدعامة. إنها غريزة غرزتها وغرستها يد الله، فهل تنزعها أو تزعزعها يد بشر؟ وشريعة الإسلام إنما شرعها الذي خلق هذه العوالم كلها، فما كان الله ليُقِرّ فينا غريزة ثم يأمرنا بانتزاعها. ما قال لنا الشرع اقتلوها ولكن قال لنا هذّبوها، وما أمرَنا برهبانية نقاوم فيها طبيعة الله في نفوسنا، ولكن نهانا عن إباحية تقتل أكرم صفات البشر فيها.
إن هذه الغريزة كالسيل الدفّاع الذي ينزل من شِعب الجبل نزول القضاء فلا يستطيع أحدٌ أن يقف في وجهه إذا انطلق، وما قال لنا الله قفوا في وجهه، ولا تركنا نهمله حتى يجرفنا ويُهلِكنا