للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/فقلت له: بل آخر ما يتمنى المسلم في فمه ذكر الله وشهادة أن لا إله إلاّ الله، فاعترف بذلك رحمه الله ولم يُنكِره عليّ، بل شكره بلسانه لي، هذا وأنا أُقِرّ أنني تلميذ من تلاميذ الرافعي.

نشيد الرافعي هذا جاء مَن بدّل كلماته فقال (وأشهد أنه أحسن فيما قال): «بلادي بلادي منار الهدى»، وجاء من أخذ اللحن نفسه وادّعاه له وزعم أنه هو الذي وضعه، مع أنني أحفظ هذا اللحن ويكاد يحفظه من المصريين من لست أحصيهم عدداً من قبل أن يولَد هذا الأخ الكريم الذي يدّعي أن اللحن من وضعه، فكان مثاله كمن يزعم أن قلعة أجياد هي دار جده، ورثها عنه أبوه وانتقلت بالإرث إليه من أبيه!

السرقات كثيرة، وطالما سرق كبار الكتاب وأنكر الناس عليهم سرقاتهم: العقّاد سرق فكرة من شوبِنْهاور وأفكاراً من غيره، والمازني سرق من قصة ترجمها هو للكاتب الروسي هاتزيباشيف، ومن لم يسرق اقتبس كما قبس الموسيقي محمد عبد الوهاب من موسيقى الإفرنج جملاً كثيرة لا يعرفها ويميزها إلاّ من له بصر بالموسيقى، حتى إنني لأظن أن أغنيته «ما احلاها عِيشة الفلاّح» مقتبَسة -ولو من بعيد- من الأغنية المشهورة: «على بلدِ المحبوب ودّيني».

وأعجب سرقة وأخفاها هي كتاب «الأحكام السلطانية». ومن يسرق كتاباً في النحو أو البلاغة أو الأدب لا يكاد يُكشف أمره لأنها علوم معروفة وطرق مسلوكة ومسالك مطروقة، أما كتاب الأحكام السلطانية فإن موضوعه مبتكَر، ما أُلّف فيه قبله ولا كُتب بعده -فيما أعلم أنا- إلاّ ما أُخذ منه. و «الأحكام السلطانية» كتابان

<<  <  ج: ص:  >  >>