للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماً وأوسع اطّلاعاً على علوم الطبيعة؟ هذا الطامي (الذي لم أعُد أسمع اسمه ولا أعرف خبره) كان يمكن أن يكون لنا منه أديسون آخر، يخترع مثل ما اخترع، لو أننا أخذنا بيده وشجّعناه. وهل كان أديسون (وأصحابه وأمثاله الذين وضعوا أسس هذه الحضارة المادية) أذكى منا ذكاء وأكبرَ عقولاً وأوسعَ مدارك؟ إن الذي صنعناه بالأمس البعيد والحضارةَ التي شيّدناها والمعارفَ التي بلغناها نستطيع أن نصنع الآن مثلها.

لا تقُلْ قد ذهَبَتْ أربابُهُ ... كلُّ مَنْ سارَ على الدّربِ وصَلْ

هذه اليابان: ماذا كانت اليابان قبل مئة سنة أو تزيد قليلاً، وماذا صارت الآن اليابان؟

بل أحدّثكم عمّا هو أقرب عهداً وأدنى بلداً؛ حالنا نحن لمّا كنا طلاباً وحال الطلاب الآن: لماذا كان ينبغ منا نابغون كل عام لا يكاد يظهر أمثالهم الآن في الأعوام الطِّوال، في الأدب وفي الفنّ وكل علم، شعراء وكتّاب وأطباء ومهندسون؟ لا أعني أنهم أكملوا الدراسة ونالوا الشهادة فقط، فإن الذين يحملون الشهادات لا يُعَدّون، ولكن أقصد أنهم عباقرة متميزون أو نابغون سابقون، فما لنا لا نرى الآن أمثالهم؟ ما لنا لا يكاد يظهر منا في السنين المتطاولة علماء وأدباء، بل لا نرى إلاّ حَمَلة الشهادات؟ هل انقطع النبوغ وجفّ الينبوع، وأصبح الطلاب اليوم أقلّ حظاً من الذكاء ونصيباً من الفهم؟

أقول: لا. أقولها مطمئناً إليها واثقاً منها، بل إن الشباب الآن أوسع مدارك وأكثر اطّلاعاً مما كنا عليه في أيام شبابنا، فما السبب

<<  <  ج: ص:  >  >>