للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّها ورقة بن نوفل، أي أنه صار نبياً فعلاً وهو لم يعلم بذلك تماماً، والله يقول له: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ}. فكيف عرف أولئك كلهم؟ حتى الوحوش عرفت أنه هو نفسه النبي؟!

والأناشيد التي تصحب المولد (والتي أنكرتها من مطلع شبابي) أكثرها غزل بجمال الرسول أو كلام عنه لا يصلح لأن يكون مدحاً له.

قلت لهم: بدلاً من تلاوة هذه القصة والمشاركة في الكذب على رسول الله وإساءة الأدب معه، أُعِدّ أنا محاضرة ألقيها، وتطبعها الجمعية وتوزّعها بدلاً من «الملبّس». قالوا: فكيف بالقيام عند ذكر الولادة؟ قلت: سبحان الله! ومن قال إن هذا القيام من فرائض الإسلام؟ إنه بدعة لا أصل لها. قالوا: كيف يكون مولد بلا قيام؟ قلت: أنا أقيمهم لكم إن شئتم. قالوا: كيف؟ قلت: إن الخطيب المتمكن يحرّك السامعين كما يريد، يقودهم بلسانه وبحركات يده ولو كان فيهم من هو أعلم منه وأجلّ وأكبر، هذا سحر المنبر.

وألقيت المحاضرة في ربيع الأول سنة ١٣٥٠، وكانت أول احتفاء بالمولد ليس فيه كذب ولا غناء ولا طرب؛ كانت نوعاً جديداً من الموالد، وإن كانت الموالد كلها جديدة، أي مبتدَعة لم تعرفها القرون الأولى التي كانت أفضل القرون.

* * *

لقد مرّ على هذه المحاضرة اثنتان وخمسون سنة (١)،


(١) يوم نشر هذه الحلقة سنة ١٤٠٢هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>