للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولّى لا يتجدّد.

ودّعت أحلامي بطَرْفٍ باكي ... ولمَمْتُ مِن طُرُقِ المِلاحِ شِباكي (١)

وإن لم أنصُبْ في عمري شبكة لفتاة (صدّقوني) ولا أوقعت حسناء يوماً في شرَك.

كانَ لي بالأمسِ قلبٌ فقضى ... وأراحَ الناسَ منهُ واستراحْ (٢)

لقد قضى، فهل رأيت ميتاً عاد بعدما مات؟ هل أبصرت في سنة واحدة تعاقب ربيعَين؟ هل سمعت بإنسان عاش شبابَه مرّتين؟

كنتُ إن برقَت لي بارقة من جمال في وجوه البشر أو صفحات الكون أحسست بالعاطفة تشتعل في صدري والمشاعر تلعب بشغاف قلبي، فأفزع إلى القلم لأسجّل ما أحسست به، فيسابق قلمي فكري. وإن قرأت أخبار الوفاء أو الغدر أو سمعت أنباء الخير أو الشرّ شعرت بالأفكار تقرع جوانب رأسي، فأسارع إلى القلم لأقيّدها فأسكّنها. وإن صافح سمعي أبياتٌ من شاعر يَنظِم حبّات قلبه عقودَ بيان (لا كشِعر هذا الزمان) أو نغمات من مغنٍّ يصوغ عواطفه طاقات من ألحان، هزّتني فهززت قلمي. أسمع المغني في هدآت الليل يقول «آه» فأحسّ أنه يوقظ نائم الأشجان في كل قلب عاشق هيمان، أو مفجوع أسيان، حتى


(١) من قطعة لشوقي.
(٢) لجبران.

<<  <  ج: ص:  >  >>