المتظاهرون عن غضبهم عربات الترام الذي أنشأته شركة بلجيكية من قبل مولدي، مدّت له خطّين: خطاً من ميدان المرجة (الذي سُمّي بساحة الشهداء) إلى المَيدان (وكان يعرف قديماً بميدان الحصى)، وخطاً من المرجة إلى المُهاجرين على سفح قاسيون، يتفرّع منه عند الجسر الأبيض على نهر تورا (أكبر أبناء بردى) فرع إلى حيّ الشيخ محيي الدين (المنسوب إلى محييالدين بن عربي، وهو في الفلسفة وفي الكتابة ذروة من الذّرى ولكن في كتبه أشياء هي -بمقياس الدين- كفر لا شك فيه، وليس هذا موضع الكلام على ابن عربي)، وطول كل فرع من فروع الترام الثلاثة نحو ثلاثة أكيال (كيلومترات). ثم مُدّ فرع إلى دوما قصبة الغوطة (وقد اتصلت بدمشق الآن وصارت حياً من أحيائها) طوله ثلاثة عشر كيلاً.
فكلّما هاج الناس أو تظاهروا أو صادمتهم الشرطة والدرَك أقبلوا على عربات الترام يحرقونها، لأنها مِلك لبلجيكا تحميه فرنسا جارتها، وكلتاهما من دول الاستعمار التي تعتدي على الناس وتتسلّط بالباطل عليهم، وتحكم بلادهم رغم إرادتها وتأكل خيراتها من دونهم، فرنسا في سوريا ولبنان وبلاد الشمال الإفريقي وفي الهند الصينية وبلاد غيرها، وبلجيكا في الكونغو تحكم قطراً أكبر منها بعشرات المرات، كما كانت تحكم هولندا أندونيسيا؛ هرّ شرس متوحش يريد أن يبتلع جَملاً ... أفرأيتم جملاً يبتلعه هرّ؟!
صدر أمر الكتلة الوطنية، بتعطيل الانتخابات، وتولّت التنفيذَ القوى الثلاث التي كانت تأتمر بأمرها، قوة رجال الأحياء،