للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السامي (أي نائبه في دمشق)، وقد كانت في موضع القصر العدلي الآن، فأمسكوا به فأدخلوه ومنعوني من الدخول.

أُغلقت الجريدة التي أستمدّ منها ما أعيش به وأعيّش أمي وإخوتي. وقد عملت من قبل في جرائد أخرى لم أستفِد من بعضها مالاً، وما استفدته من سائرها (أي باقيها) كان أقلّ من حد الكفاية، وعلّمت قبل ذلك في مدارس ابتدائية أهلية، هي الأمينية والجوهرية والكاملية والتجارية، وألقيت دروساً في تاريخ الأدب العربي في الكلية العلمية الوطنية، وأصدرت كتاب «بشار بن برد» و «الهيثميات» الذي جمع مقالاتي التي كنت أكتب في ذيلها «أبوالهيثم» يوم لم يكن في دمشق من أعلم أن اسمه هيثم، وأصدرت «رسائل الإصلاح» ورسائل «سيف الإسلام». وكنت قبل ذلك محاسباً وحاولت أن أكون تاجراً، فخرجت من ذلك كله صفر اليدين ما معي ثمن عشائي وعشاء من أعول من أهلي، فماذا أعمل الآن؟ ماذا أعمل وقد أُغلقت في وجهي الأبواب وسُدّت الطرق؟ لقد صار لي اسم في الناس وذكر في أهل الأدب، ولكن هذا الاسم وهذا الذّكر لا يُشترى به رطل من الخبز!

هنا جاءني رفيق لي اسمه غضنفر سَنْجَقْدار، حفظت اسمه لغرابته وندرته، لا أذكر الآن من أين عرفته ولا أين التقيت به، فقال لي: هل تقبل وظيفة في الحكومة؟

لقد كان آخر ما أتصور أن أعمله هو أن أكون موظفاً في حكومة ما فتئنا منذ أمسكنا الأقلام وركبنا المنابر ننقدها ونتكلم عنها، ونراها عوناً للعدوّ وحلفاً للاستعمار وحرباً على الوطن،

<<  <  ج: ص:  >  >>