السطح المسوَّر)، فصاحت به فلم يذهب ولبث يتبختر يروح ويجيء، فأنذرته فما برح مكانه، فأخذت البندقية ورفعت الشبّاك (النافذة) ووجّهَتها إليه فما بالى، فأطلقت النار.
وكانت البيوت من الحجر والخشب والطين، وكانت متداخلة متعانقة، يستطيع من شاء أن ينتقل من طرَف الحيّ إلى طرَفه الآخر من فوق السطوح لا تمس رجلاه الطريق، فسمع الجيران الصوت، ولم يكن يحتاج الجار ليصل إلى جاره إلا أن يقفز من فوق «الطّبْلة»(وهي حاجز من الخشب واللبِن يفصل مشرقتك، أي سطحك، عن سطح الجار)، فنادوا:"يا الله، يا ستّار" ليتستر من النساء مَن كانت كاشفة، ثم صاروا عندها فقالوا: خالتي أم شريف، ما لك؟ خير إن شاء الله؟ سمعنا طلقة رصاص. قالت: نعم، حرامي، وقد أصبته بلا شك لأن رصاصتي لا تخيب.
وكان من عجائز الشاميات مَن تجيد الرمي! فصعدوا إلى السطح فوجدوا سراويل زوجها الشيخ عبد الفتاح الخطيب معلَّقة بالحبل (وكانت سراويل الرجال والنساء تصل إلى القدم ويفصَّل من الواحد منها إحدى عشرة من سراويلات نساء اليوم) فكانت تمتلئ بالهواء من شدة الريح في تلك الليلة فتبدو كأنها رَجل يمشي ... ووجدوا بارود الطلقة قد مزّقها.